أرواح شهداء غزة تطارد نتنياهو وغالانت.. هل تنهي «الجنائية الدولية» الحصانة المزعومة لإسرائيل؟
أرواح شهداء غزة تطارد نتنياهو وغالانت.. هل تنهي «الجنائية الدولية» الحصانة المزعومة لإسرائيل؟
وسط صمت العالم وصراعات السياسة الدولية، تظل غزة أيقونةً للصمود، يحيطها الحصار من كل جانب، ويحاصر أهلها الألم والفقدان، فمنذ أكثر من 17 عامًا، يواجه سكان هذا الشريط الساحلي المكتظ كل أشكال الحصار والمعاناة، لتأتي الحروب المتتالية كضربات قاسية على جسدٍ بالكاد يستطيع التنفس.
ومع تصاعد العدوان الأخير، شهد العالم واحدة من أشد الحروب دموية في تاريخ القطاع، والتي أسفرت عن استشهاد آلاف المدنيين وتدمير البنية التحتية في مشهدٍ يُعيد تعريف الألم الإنساني.
وفي هذا السياق، جاء إعلان المحكمة الجنائية الدولية عن إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف غالانت خطوة قد تحمل بارقة أمل للضحايا وعائلاتهم، وتعكس سعيًا لإحياء مفهوم العدالة في وجه واقعٍ يعج بالظلم.
العيش في كابوس يومي
منذ بداية العدوان الإسرائيلي، عاش سكان غزة كابوسًا يوميًا، حيث استهدفت الطائرات الإسرائيلية المنازل والمدارس والمستشفيات، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني.
وكشف تقرير أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" في مايو 2024، عن أن الحملة العسكرية الإسرائيلية اتسمت باستخدام القوة المفرطة وعدم التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، ووصفت المنظمة هذه الممارسات بأنها "جرائم حرب واضحة"، حيث تسببت الهجمات في تدمير أكثر من 50 ألف وحدة سكنية، ما أدى إلى تشريد ما يقارب 1.2 مليون شخص أصبحوا بلا مأوى، يعيشون في ظروف إنسانية قاسية داخل مراكز إيواء مكتظة أو في العراء.
وامتد الأثر الإنساني للحرب ليشمل أزمة إنسانية خانقة، تعمقت بفعل الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ سنوات، حيث تشير تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) إلى أن أكثر من 80% من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية، بينما يعاني نحو 95% من المياه المتوفرة من التلوث، ما يجعلها غير صالحة للشرب، ومع منع دخول الوقود والكهرباء خلال العدوان، توقفت معظم المستشفيات والمرافق الصحية عن العمل، تاركة المرضى والجرحى بلا علاج.
وأشارت المحكمة الجنائية الدولية، في قرارها إصدار مذكرات الاعتقال، إلى أن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن هذه الانتهاكات، حيث استند القرار إلى الأدلة التي جمعها المدعي العام كريم خان، والتي أكدت أن القيادة الإسرائيلية تعمدت عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ما يمثل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف.
وأوضح خان، أن منع الإمدادات الأساسية كالغذاء والدواء والماء يُعد استخدامًا للتجويع كوسيلة حرب، وهو تصرف يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
وعلى الجانب الآخر، أصدرت المحكمة أيضًا مذكرة اعتقال بحق القيادي في حماس محمد الضيف بتهم ارتكاب جرائم حرب تشمل القتل والتعذيب، وذلك استنادًا إلى هجوم حماس في أكتوبر 2023، الذي أشعل فتيل الحرب وأدى إلى مقتل مئات الإسرائيليين.
ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن المحكمة رفضت إصدار مذكرات مماثلة بحق إسماعيل هنية ويحيى السنوار، اللذين قتلا خلال العدوان، في حين لا يزال مصير الضيف غامضًا وسط تقارير متضاربة عن وفاته.
انتصار رمزي لضحايا الحرب
تعد خطوة المحكمة الجنائية الدولية انتصارًا رمزيًا لضحايا الحرب في غزة، لكنها تواجه عقبات كبرى على صعيد التنفيذ. المحكمة، التي لا تملك قوات خاصة لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد على تعاون الدول الأعضاء البالغ عددها 123 دولة.
ومع عدم انضمام إسرائيل والولايات المتحدة إلى المحكمة، فإن فرص تقديم نتنياهو وغالانت للعدالة الدولية تبقى ضعيفة، على الأقل في الوقت الراهن، ولكن قد تعرقل هذه المذكرات حركتهما الدولية وتؤدي إلى عزلهما سياسيًا، مما يزيد الضغط على القيادة الإسرائيلية داخليًا وخارجيًا.
الرد الإسرائيلي على هذه التطورات كان متوقعًا، نتنياهو وصف قرارات المحكمة بأنها "مهزلة سياسية"، بينما صرح مسؤولون إسرائيليون بأن تل أبيب لن تعترف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
وفي واشنطن، أدانت الإدارة الأمريكية مذكرات الاعتقال، وأكد الرئيس جو بايدن دعم بلاده حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. تصريحات بايدن جاءت متزامنة مع تهديدات من الكونغرس بفرض عقوبات على المحكمة إذا مضت قدمًا في هذه القضية، ما يعكس مدى التعقيد السياسي المحيط بهذا الملف.
مع ذلك، فإن القرار الدولي يعكس تحولًا في الخطاب العالمي تجاه العدوان الإسرائيلي بعد سنوات من الحصار والحروب جعلت غزة رمزًا لمعاناة مستمرة، وسط جهود دولية متواضعة لإنهاء هذه الأزمة، حيث أشار تقرير للأمم المتحدة صدر في سبتمبر الماضي، إلى أن غزة قد تصبح "غير قابلة للحياة" بحلول نهاية العقد الجاري إذا استمر الوضع على حاله.
وأكد التقرير أن 64% من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينما يعيش أكثر من 75% منهم تحت خط الفقر. هذه الأرقام تسلط الضوء على الحاجة الماسة لتحرك دولي فوري لرفع الحصار وتخفيف معاناة السكان.
ويرى حقوقيون أن قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت يمثل خطوة مهمة نحو المساءلة، لكنه يظل غير كافٍ ما لم يدعمه تحرك دولي حقيقي لإنهاء معاناة غزة. العدالة ليست مجرد كلمة تُقال في المحافل الدولية، بل هي حق لكل إنسان، وواجب على المجتمع الدولي تحقيقه. غزة، التي لطالما دفعت ثمن صراعات لا تنتهي، تستحق اليوم أن تكون بداية جديدة لقصة عدالة وإنصاف.
خسائر بالأرقام
في أعقاب هجمات 7 أكتوبر 2023، التي شنتها حركة حماس على إسرائيل، ردت القوات الإسرائيلية بحملة عسكرية غير مسبوقة على قطاع غزة، تاركة وراءها أثرًا إنسانيًا مروعًا واتهامات واسعة بارتكاب جرائم حرب. هذه العملية، التي وصفت بأنها "الأعنف" في تاريخ الصراع، خلفت وراءها دمارًا هائلًا ومعاناة إنسانية لا مثيل لها.
ووفقًا لتقارير صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، بلغ عدد الشهداء أكثر من 44 ألفا فيما تجاوز عدد المصابين الـ103 آلاف شخص، يعاني العديد منهم من إعاقات دائمة بسبب الهجمات المكثفة، وهذا العدد يشكل زيادة غير مسبوقة في عدد الضحايا مقارنة بجولات التصعيد السابقة، ما يعكس الطبيعة الشاملة وغير التمييزية للهجمات الإسرائيلية.
واستهدفت الهجمات البنية التحتية المدنية بشكل رئيسي. فقد وثق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) تدمير أكثر من 54,000 وحدة سكنية بالكامل، بينما لحقت أضرار جزئية بحوالي 135 ألف منزل آخر، ما أدى إلى تشريد أكثر من 1.3 مليون شخص، حيث يعيش 80% من هؤلاء في مدارس أو منشآت تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتي تعرضت هي الأخرى للقصف. وقد سجلت الأونروا مقتل حوالي 76 شخصًا من العاملين لديها أثناء أداء واجبهم في الإغاثة.
وشملت الغارات الإسرائيلية 62 منشأة تعليمية و14 مستشفى و35 عيادة طبية، وفق تقارير منظمة الصحة العالمية (WHO)، وأدى هذا إلى شلل شبه كامل في تقديم الخدمات الصحية، مع وفاة العديد من الجرحى بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، كما أن انقطاع الكهرباء بشكل كامل عن القطاع منذ الأيام الأولى للعدوان، بعد استهداف محطة توليد الطاقة الوحيدة في غزة، زاد من تعقيد الأزمة.
وكشفت منظمة العفو الدولية أن الحصار الإسرائيلي المشدد تسبب في منع دخول الوقود والغذاء والمياه، ما دفع 95% من سكان غزة للاعتماد على مياه غير صالحة للشرب، وزاد من معدلات سوء التغذية بين الأطفال إلى مستويات كارثية.
كما أشار تقرير برنامج الغذاء العالمي (WFP) إلى أن أكثر من 1.9 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد
من بين الحوادث التي أثارت جدلًا واسعًا كان قصف مراكز الإيواء، حيث استهدفت غارة جوية مخيم النصيرات، ما أدى إلى مقتل أكثر من 400 شخص من العائلات التي لجأت إلى المخيم، ورصدت هيومن رايتس ووتش عدة انتهاكات أخرى، بينها استهداف الأسواق والمستشفيات والمدارس، وهو ما وصفته المنظمة بأنه "نهج ممنهج ينتهك القانون الدولي الإنساني".
انتقادات حقوقية حادة
حقوقيا، أثارت هذه الأرقام والتقارير انتقادات حادة من قبل منظمات حقوق الإنسان، فيما أكدت المحكمة الجنائية الدولية أن مثل هذه الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، خصوصًا في ظل استخدام إسرائيل التجويع كوسيلة حرب واستهداف المدنيين عمدًا.
وأوضح تقرير صادر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن الهجمات الإسرائيلية تضمنت استخدامًا مفرطًا للقوة، واستهدافًا ممنهجًا للأحياء المدنية، ما يشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف.
ورفضت إسرائيل هذه الاتهامات بشدة، مشيرة إلى أن جميع عملياتها موجهة ضد "أهداف عسكرية مشروعة"، مدعية أن حركة حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية، إلا أن هذه المبررات قوبلت بتشكيك واسع، خاصة بعد توثيق استهداف منشآت مثل مستشفى الشفاء ومدارس الأونروا، التي أُبلغ عن وجود مئات المدنيين فيها.
وجاءت الردود الدولية منقسمة؛ ففي حين دعت دول مثل فرنسا والنرويج إلى تحقيق دولي شفاف، أيدت الولايات المتحدة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، ما أضعف الجهود الدولية لإجراء تحقيق شامل.
ومع ذلك، يشكل إصدار المحكمة الجنائية الدولية لمذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف غالانت تطورًا قانونيًا لافتًا قد يفتح باب المساءلة الدولية.نقطة تحول حاسمة
اعتبر رئيس مركز حماية لحقوق الإنسان، أحمد جبريل، أن إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف غالانت، بالإضافة إلى مذكرة اعتقال بحق القيادي في حماس محمد الضيف، يمثل نقطة تحول حاسمة في مسار العدالة الدولية، خاصة في ظل الضغوط الهائلة التي مورست على المحكمة. وأكد جبريل أن هذه الخطوة تأتي في مواجهة تحديات سياسية وقانونية كبيرة، من بينها محاولات تهديد المحكمة عبر عقوبات أمريكية والتشكيك في نزاهة المدعي العام كريم خان باتهامات باطلة، هدفها تشويه التحقيقات وإرباك مسارها.
وتابع جبريل، في تصريحات لـ"جسور بوست"، أن المدعي العام سحب سابقًا طلبات الاعتقال بحق إسماعيل هنية ويحيى السنوار بعد وفاتهما، لكنه واصل جهوده لإصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، وأوضح أن المحكمة رفضت الحجج التي قدمتها إسرائيل في محاولة لعرقلة العملية القضائية، مؤكدة ولايتها القانونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
وركز جبريل على دفوع إسرائيل أمام المحكمة، والتي وصفها بأنها تفتقر إلى الموضوعية، حيث استندت إلى شقين رئيسيين: الأول هو الزعم بعدم اختصاص المحكمة لأن إسرائيل ليست عضوًا في نظام روما الأساسي، والثاني هو عدم تلقي إسرائيل إشعارًا رسميًا من المدعي العام بشأن التحقيقات.
وأكد أن المحكمة رفضت الدفع الأول بشكل قاطع، مشيرة إلى أن ولايتها القضائية تستند إلى عضوية فلسطين في المحكمة، ما يمنحها الحق في التحقيق في الجرائم المرتكبة على أراضيها، بغض النظر عن عضوية الطرف الآخر، وأضاف أن هذه السابقة القانونية جرى تطبيقها مؤخرًا في الحالة الروسية- الأوكرانية، حيث أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغم أن روسيا ليست عضوًا في المحكمة،
وبالنسبة للدفع الثاني، والذي يتعلق بالإشعار الرسمي، فقد أوضح جبريل، أن المادة (18) من نظام روما الأساسي لا تلزم المدعي العام بإرسال إشعار جديد في الحالات المستمرة، مشيرًا إلى أن الجرائم المرتكبة في غزة تعتبر امتدادًا للتحقيق المفتوح منذ سنوات وأضاف أن إسرائيل تجاهلت الإشعار السابق الذي أرسلته المحكمة عند فتح التحقيق الأولي، وبالتالي فإن ادعاءها بعدم الإشعار الجديد لا يستند إلى أساس قانوني.
وأكد جبريل أن مذكرات الاعتقال أصبحت ملزمة لجميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، والتي يبلغ عددها 124 دولة، وتشمل دولًا أوروبية رئيسية.
وأوضح أن هذه الدول ملزمة قانونيًا بتنفيذ المذكرات على أراضيها في حال دخول نتنياهو أو غالانت إليها، ما سيحد من حرية تحركاتهما الدولية، ورغم احتمالية محاولة إسرائيل التذرع بالحصانة الدبلوماسية، شدد جبريل على أن المحكمة سبق وأن حسمت هذا الجدل، مستشهدًا بقرارها عام 2019 الذي أقر بعدم جواز التذرع بالحصانة في الجرائم التي تنظرها المحكمة، استنادًا إلى المادة (27) من ميثاق روما، والتي تنص على أن المناصب الرسمية لا تمنح أي حصانة أو تخفيف من المسؤولية الجنائية.
وشدد على أن هذه المذكرات قد لا تكون قابلة للتنفيذ الفوري بسبب عدم امتلاك المحكمة قوة شرطية خاصة بها، إلا أنها تمثل خطوة جوهرية نحو تحقيق العدالة للضحايا، وتعزز من عزلة المسؤولين الإسرائيليين دوليًا. ورأى أن هذا القرار يبعث برسالة واضحة بأن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك استهدافهم بشكل منهجي واستخدام الحصار كأداة حرب، لن تمر دون محاسبة.
واختتم جبريل، بأن هذه الخطوة تعد انتصارًا للعدالة الدولية رغم كل العقبات، وتؤكد أهمية استمرار الضغط على المجتمع الدولي لضمان مساءلة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمل على إنهاء الإفلات من العقاب.
خطوة تاريخية لمحاسبة مجرمي الحرب
وقال أحد أهالي غزة، ويدعى محمد ناصر، إن قرار محكمة الجنايات الدولية الذي صدر اليوم هو بمثابة لحظة فارقة في تاريخ العدالة الدولية، وإن ما بعده لن يكون كما قبله، أن يُصبح الزعماء الإسرائيليون، الذين لطالما خشيهم السياسيون والإعلاميون في كل أنحاء العالم، اليوم في موقع المتهمين أمام القضاء الدولي، ويُلاحَقون في مختلف عواصم العالم، أمر تاريخي بكل المقاييس. هم الآن مطلوبون دولياً وغير قادرين على التنقل بحرية.
وتابع في تصريحات لـ"جسور بوست"، رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك الضغوط السياسية الكبيرة والتهديدات بالعقوبات التي قد تُفرض عليها، كما حدث في فترة المدعية العامة السابقة فاتو بنسودة، فإن المحكمة أقدمت على هذه الخطوة الجريئة، ورغم بطء الإجراءات، فإن المحكمة قد أثبتت أنها لم تفقد مصداقيتها، بل نجحت في اجتياز هذا الاختبار الصعب، لو لم تكن قد اتخذت هذا القرار، لكانت فقدت مبرر وجودها، اليوم، لم نصل بعد إلى رؤية هؤلاء المجرمين في أقفاص الاتهام مثل غيرهم، لكن الأهم هو أنهم أصبحوا متهمين في محكمة دولية، وهم الآن مطلوبون، وهذا هو الانتصار الأول للعدالة.
وتابع، أما إسرائيل، فقد تم إدانتها الآن أمام شعوب العالم ودوله بالإبادة الجماعية، حيث إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بقبول طلب الادعاء العام وتوجيه مذكرات الاعتقال بحق هؤلاء القادة الإسرائيليين هو خطوة حاسمة في المسار الدولي لمحاسبة المجرمين. ورغم أن تنفيذ القرار يعتمد على الدول الـ124 الأعضاء في المحكمة، فإن الأمل لا يزال قائماً في أن يتم احترام هذا القرار وتنفيذه.
وأشار إلى أن هناك مجرمين آخرين لم يُطلب من المدعي العام إصدار مذكرات اعتقال بحقهم، مثل رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية وبعض قادة الجيش الذين ارتكبوا جرائم حرب في غزة. نحن نطالب المحكمة بضرورة إصدار مذكرات اعتقال بحقهم أيضاً، فكل من كان له يد في قتل المدنيين وتدمير غزة يجب أن يُحاسب.
وأتم، ما حدث اليوم هو انتصار للعدالة الدولية، ولكنه بداية لمشوار طويل، ونحن كأهالي غزة ننتظر أن تواصل المحكمة عملها وأن تُحقق في جميع الجرائم المرتكبة.